فريق الأزمات العربي-ACT هو فريق عربي تأسس في مركز دراسات الشرق الأوسط- الأردن عام 2013، وهو متخصص في رصد ومتابعة الأزمات العربية بالبحث والدراسة والتحليل الاستراتيجي وتقديم الرؤى والتوصيات المناسبة للأطراف ذات الصلة للخروج من هذه الأزمات.
يتناول هذا التقرير الذي أعده فريق الأزمات العربي- ACT في مركز دراسات الشرق الأوسط في الأردنّ أزمة الدور العربي في الحرب على غزة منذ 7 أكتوبر 2023، ويرى الفريق أن هذه الأزمة كشفت ظهر القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية لصالح العدوان الإسرائيلي المدعوم أمريكياً وأوروبياً بشكل غير مسبوق، ونظراً لمخاطر الأزمة فإن لضعف الدور العربي تداعيات عديدة على القضية الفلسطينية وعلى مستقبل العالم العربي والأنظمة العربية، خاصة فيما يتعلق بالاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني فقد قرّر الفريق تناول هذه الأزمة في تقرير مركّز مع تقديم تصورات أولية يمكن، في حال تطبيقها، تعزيز وتقوية الدور العربي للانتقال من حالة الأزمة إلى حالة الفاعلية في التعامل مع الحرب على غزة، ومن شأن الدور المتصوَّر أن يسهم في تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال والوحدة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
ويناقش التقرير هذه الأزمة في ظل التردد والارتباك الذي تشهده مواقف الحكومات العربية وضعف الموازنة بين مصالحها وعلاقاتها الخارجية وبين متطلبات مصلحة القضية الفلسطينية، فضلاً عن عدم القدرة على التأثير في القرار الدولي بشأن التعامل مع هذا العدوان وبشأن ارتكاب جرائم حرب بشكل علني وعلى نطاق واسع وبشكل مستمر ضد الشعب الفلسطيني في غزة. علاوة على ذلك، فإن هذا الضعف في الدور العربي تمثل أيضاً في عدم القدرة على استثمار نتائج النجاح العسكري لعملية حماس الكبرى ضد الجيش الإسرائيلي وقدراته الاستخباراتية في محيط قطاع غزة، والتي تمت في 7 أكتوبر 2023 بهدف إحباط اعتداءاته المستمرة ضد المدنيين قطاع غزة ولإحباط أي خطط جديدة لشن عدوان شامل كما تسرب في الإعلام الإسرائيلي.
ويكشف التقرير عن غياب عمليّ ونظريّ في تصوّرات تحوّل الأنظمة العربية من العجز إلى القوة لدى النخب الحاكمة في العالم العربي، كما أنها تفتقر إلى رؤية عربية مستقلة عن الرؤى الغربية في التعامل مع الصراع العربي- الإسرائيلي ومع المخاطر والتهديدات التي تشكّلها إسرائيل على الأمن والاستقرار في العالم العربي والمنطقة بشكل عام.
ويتناول التقرير في مناقشته لأسباب الأزمة الرئيسية ضعف فاعلية الدور العربي على المستوى الدولي، وانشغال وتورّط بعض الدول العربية في الصراعات الداخلية والحروب، وارتباط بعض الدول بمعاهدات واتفاقيات سلام وتطبيع العلاقات مع إسرائيل، إضافة إلى ضعف موقف السلطة الفلسطينية وسياساتها تجاه الحرب على غزة.
وفيما يتعلق بالدوافع وراء ضعف الموقف العربي وأزمة دورها في التعامل مع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يعرض التقرير دوافع عديدة، من بينها رغبة الدول العربية المشاركة في عملية التطبيع في الحفاظ على علاقاتها مع إسرائيل، فضلاً عن التخوّف من تداعيات غير مرغوب فيها للمواجهة بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي لتنشيط حراك الشارع العربي ضد مواقف حكوماتهم.
كما تشمل الدوافع تأثير العامل الأيديولوجي والموقف غير المواتي لبعض الحكومات العربية تجاه حركات الإسلام السياسي، بما في ذلك حركة حماس، بالإضافة إلى مشكلة تصنيف الحركة كحركة إرهابية من قبل بعض الدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة.
كما أن الخيار الاستراتيجي الذي اعتمدته الأنظمة العربية الرسمية في التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي والقائم على أساس السلام والتسوية بدلاً من مواجهة العدوان الإسرائيلي يشكّل أحد دوافع استمرار وتعمّق هذه الأزمة في الدور العربي في التعامل مع الحرب على غزة.
وعدّد التقرير التحديات التي واجهت الدور العربي المفترض، وأرجعت أهمها إلى عدم قدرة النخب العربية الحاكمة التي تقيم علاقات مع الجانب الإسرائيلي على استخدام هذه الاتفاقيات والمعاهدات لوقف العدوان على قطاع غزة، وعدم قدرة العديد من الحكومات العربية على الفصل بين موقفها السلبي وعلاقاتها المتوترة مع إيران وبين الموقف من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بحسب نهجها وتقييمها.
وحول أبعاد الأزمة، يوضّح التقرير أنها تشمل البعد السياسي؛ إذ تتباين المواقف السياسية للدول العربية تجاه القضية الفلسطينية بشكل عام، وفي الحرب على غزة بشكل خاص، وتجاه المكوّنات السياسية الفلسطينية، إضافة إلى تراجع مستوى القضية الفلسطينية في قائمة أولويات بعض الدول العربية في وقت سابق، وعدم استعداد حكومات أخرى لتحمّل التكلفة السياسية أو الاقتصادية لدعم الشعب الفلسطيني في هذه الحرب.
ويرى التقرير أن الشعوب العربية أبدت مواقف داعمة واسعة، في حين كانت المواقف العربية الرسمية بعيدة عن تطلعات ومطالب الشعب العربي بدعم المقاومة كخيار استراتيجي لاستعادة الحقوق العربية في فلسطين وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
ويتوقع التقرير أن ينعكس غياب الدور العربي الموحد في استثمار النجاح العسكري، وغياب الإرادة السياسية لاستخدام القوات العسكرية العربية في أي دور، على نتائج ونهايات هذه الحرب، كما أنه سيؤثر على المكاسب التي يمكن تحقيقها أو العواقب التي يمكن تحمّلها؛ حيث ستعتمد العديد من نتائج هذه الحرب بشكل كبير على قوة المقاومة الفلسطينية وأدائها المستمر وتطوير عملياتها لإلحاق خسائر أكبر بالجيش الإسرائيلي، وعلى مستوى ضغط الحملات السياسية والإعلامية والدبلوماسية التي تكشف جرائم إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في غزة.
وفي البعد الاقتصادية يشير التقرير إلى أنه، وعلى الرغم من الثروات والموارد الاقتصادية التي يمتلكها العرب، إلا أن ثمّة عوائق أساسية تحول دون تطور الدور العربي في هذا البعد، أهمها تضارب الرؤى السياسية، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على الواقع، ومدى القدرة على توظيف الأدوات الاقتصادية للضغط على إسرائيل وحلفائها ومؤيديها.
وذكر التقرير مجموعة من المتغيرات التي يمكن أن تؤثر على الموقف العربي نسبياً، وقد تخرجه من دائرة العجز والأزمات إلى دائرة العمل المتقدم إلى حدّ ما، ومنها قدرة الشعب الفلسطيني على الصمود على أرضه رغم العدوان والجرائم الإسرائيلية، واستدامة حالة التفاعل والتحرك الشعبي العربي والإسلامي، ودعم الشعب الفلسطيني في نضاله، والتنسيق مع حركات التضامن العالمية، وقدرة المقاومة الفلسطينية على رفع كلفة العدوان على إسرائيل على مختلف المستويات والأبعاد.
وعلى صعيد تصورات الخروج من هذه الأزمة قدم الفريق مشروعاً أولياً يمكن تطويره ليشكّل مخرجاً من هذه الأزمة نحو دور عربي فاعل ومؤثر في نهاية العدوان والحرب الإسرائيلية على غزة، وأهم مكوناته:
1. خروج الدول العربية من مربع الوسيط وتبنّيها موقفاً داعماً بشكل كامل ومباشر للنضال الوطني الفلسطيني ضد الاحتلال والعدوان الإسرائيلي.
2. بلورة مبادرة شاملة لوقف العدوان ولإنهاء الاحتلال بعيداً عن سياسات التجزئة التي تسلكها إسرائيل وأمريكا لإبقاء الاحتلال أطول فترة ممكنة، وتستند
إلى اتجاهات موازين القوى الدولية المستجدة، وعلى نجاحات المقاومة والشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان، وتتبناها دول أساسية مثل إيران وتركيا وروسيا والصين إلى جانب الدول العربية.
3. الاستثمار في التحولات الشعبية الضاغطة لصالح فلسطين وضدّ العدوان الإسرائيلي على كل من أوروبا والولايات المتحدة وإسرائيل، وتشكيل مؤسسة عربية داعمة لهذه الاتجاهات على مستوى العالم.
4. توحيد الخطاب الإعلامي العربي الرسمي والشعبي ضد الاحتلال الإسرائيلي وعدوانه وجرائمه على الشعب الفلسطيني.
الكلمات المفتاحية: