بدأت الأحزاب عملها في الأردن مع تأسيس الدولة عام 1921، لكنّ أيًّا من هذه
الأحزاب لم يشكّل حكومة، وإنْ تولى بعض من قادتها مناصب سياسية رفيعة، وفي عام
1956 جرت انتخابات نيابية شاركت فيها الأحزاب القائمة واستطاع الحزب الوطني
الاشتراكي برئاسة سليمان النابلسي تحقيق أغلبية برلمانية بالتحالف مع الأحزاب
اليسارية والقومية وشكّل النابلسي حكومة مؤلفة من حزبه والأحزاب المؤيدة، ولم
تستمر هذه الحكومة أكثر من سنة، ومنعت الأحزاب السياسية عام 1958، ولكنّ الحياة
النيابية ظلت مستمرة عدا الفترة من 1974-1984. وفي عام 1989 أطلقت الحياة الحزبية
مرة أخرى وسمح رسميًا للأحزاب بالعمل بعد إقرار قانون الأحزاب عام 1992 وتشكّل منذ
ذلك الحين حوالي خمسين حزبًا أهمها وأكبرها هو حزب جبهة العمل الإسلامي، ولكن
يلاحظ أنّ أي حزب أو ائتلاف حزبي لم يحقق أغلبية برلمانية وظلت الأحزاب محدودة
التأثير في التنافس على السلطة.
ولبحث واقع وتحديات تحقيق مشاركة الأحزاب في صناعة القرار في الأردن عقد
مركز دراسات الشرق الأوسط يوم الإثنين 17/6/2019 ندوة خاصة للعدد 88 من مجلة
دراسات شرق أوسطية تحت عنوان "آفاق دور الأحزاب الأردنية في صناعة القرار
السياسي"، وقد شارك في الندوة مجموعة من الأكاديميين والسياسيين. وقد تركزت
نقاشات الندوة على أربعة محاور رئيسة، وهي: تعريف الأحزاب وأهدافها بين الأكاديميا
وقانون الأحزاب الأردني، وتعديل قانون الأحزاب باتجاه مشاركة فاعلة للأحزاب في
صناعة القرار، والسياسات الحكومية المطلوبة لتفعيل دور الأحزاب في صناعة القرار، والأحزاب:
نحو دور فاعل في تشكيل الكتل والحكومات البرلمانية.
وقد قدّمت الندوة خلاصةً أساسية مفادها أنّ
تفعيل دور الأحزاب الأردنية في صناعة القرار السياسي في الأردن يشكّل مصلحة وطنية
وإضافة نوعية وشبكة أمانٍ شعبيٍّ للاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد. وأنّ
المسئولية تقع أساسًا عى الحكومة ومجلس النواب خصوصًا فيما يتعلّق بتعديل قانون
الانتخابات النيابية وقانون الأحزاب والقوانين الناظمة للحريات والعمل السياسي،
وذلك بما يُفسح المجال للأحزاب للقيام بدورها ويدعم دورها في صناعة القرار. وأكّدت
الندوة على أن تفعيل القوائم الحزبية في قانون الانتخابات يمكن أن يغيّر من واقع
الأحزاب التي يفترض أن يكون من أهم أهدافها الترشح للانتخابات النيابية، وكذلك
مشاركتها في السلطة التنفيذية، وهو ما ينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار في تقديم
التمويل للأحزاب وحملاتها الانتخابية من قِبل الحكومة.
كما
شدّدت الندوة على أهمية حماية الحياة الحزبية وتشجيعها بين الشباب والمرأة، ونبّهت
على على أهمية إنشاء آليات حوار مستمر بين الحكومة والأحزاب من جهة، وبين الأحزاب ذاتها
من جهة أخرى، وفي داخلها من جهة ثالثة، وذلك لخلق بيئة ديمقراطية في الأحزاب
وبينها وبين الحكومة وفي المجتمع تُسهم بفعالية في صناعة القرار.