أثار إعلان الرئيس الفلسطيني
محمود عباس عن قرار حلّ المجلس التشريعي، والذي استند فيه إلى قرار المحكمة
الدستورية، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والبحثية، وخصوصًا حول الأبعاد
السياسية والقانونية والتأثيرات المستقبلية لهذا القرار. وعلى الرغم من أهمية التفصيل
في مَن يمتلك صلاحية حلّ المجلس التشريعي من عدمه، أو مدى قانونية أو دستورية هذا القرار،
إلا أنّ القضية القانونية أو الدستورية، ليست هي الناظم للفعل السياسي الفلسطيني
منذ الانقسام. إذ إنّ القضية الأبرز والتي تبقى مسيطرة على المشهد السياسي
الفلسطيني؛ هي قضية التداعيات التي سيتركها حلّ المجلس التشريعي الفلسطيني على
الحياة السياسية الفلسطينية ونواظمها، وكذلك على المؤسسة السياسية الفلسطينية
وفاعليتها.
في
ظل ذلك، توزعت هذه الدراسة إلى خمسة محاور رئيسة؛ تناول الأول منها نشأة المجلس
التشريعي وإشكاليات تكوينه، بينما بحث المحور الثاني استثنائية الحالة بالنسبة للمجلس
التشريعي الفلسطيني، كما ناقش الثالث السياقات والمواقف من حلّ المجلس التشريعي
الفلسطيني، وجاء بحث تداعيات حلّ المجلس التشريعي في المحور الرابع وذلك على صعيد
المصالحة الفلسطينية، وعلى صعيد الممارسة الدستورية والقانونية، وعلى صعيد إدارة
السياسة العامة الفلسطينية والثقافة السياسية، وعلى صعيد إدارة العلاقات والسياسة
الخارجية. واختُتمت الدراسة بالخلاصات والتوصيات.
وخلُصت
الدراسة إلى أن تداعيات حلّ المجلس التشريعي الفلسطيني على الحياة السياسية
والنظام السياسي الفلسطيني تتجاوز المرحلة الحالية بكلّ تحدياتها، حيث تحوّل
المجلس ومنذ اليوم التالي لانتخابات عام 2006، إلى أداة خلاف إضافية بين الفصائل
الفلسطينية، خصوصًا بين كلّ من فتح وحماس، وهو الأمر الذي يؤثر سلباً على مواجهة
التحديات التي تهدد النظام السياسي الفلسطيني سواءً في تحوّل الانقسام إلى انفصال
دائم، أو في تطبيق مشروع صفقة القرن.
وعليه
فقد قدمت الدراسة مجموعة من التوصيات
للقيادة الفلسطينية بمختلف مستوياتها وأطرها لتجاوز المرحلة، ومن أبرزها:
·
تجاوز الجدل حول
شرعية حلّ المجلس التشريعي، والتوافق على إجراء انتخابات تشريعية تعيد الاعتبار لمؤسسة
المجلس التشريعي الفلسطيني.
·
التوافق على
إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني باتجاه تبني النظام البرلماني، بدلًا من
النظام شبه الرئاسي، وذلك لمنع التداخل بين صلاحيات المنظمة وصلاحيات السلطة
الفلسطينية. فيصبح دور رئيس المنظمة دورًا فخريًا، أمّا السلطة الفعلية فتكون بيد
رئيس الوزراء الممثّل للكتلة القادرة على تشكيل الحكومة.
·
التوافق على
إعادة بناء المحكمة الدستورية، بشرعية من "الكلّ الوطني الفلسطيني" والذي
يضبط أمور النظام السياسي وخلافاته.
·
الاتفاق على
إجراء الانتخابات وفقًا لنظام لا يتيح السيطرة المنفردة، وذلك من أجل ترسيخ
الديمقراطية في النظام السياسي.