يشهد النظام السياسي العربي ومنذ
سنوات حالة من التفكك والتراجع في مختلف أوضاعه السياسية والأمنية والاقتصادية، وهذا
التراجع تبلور في أوجه صوره بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 وازداد تدهورًا
بعد موجة الانتفاضات الشعبية العربية، والضعف في النظام السياسي العربي الذي سمح
للاختراقات الإقليمية من أن تجتاز الحدود وتكسب مناطق نفوذ ومواطئ قدم فيها قابله عجز عربي على تحصين نفسه من هذه الاختراقات
والوقوف ضدها، والعجز عن تشكيل سياسة خارجية موحدة تستطيع تقوية الأمن القومي
العربي.
تحاول هذه الدراسة اكتشاف
الاستراتجيات الإقليمية لكل من إيران وتركيا في المنطقة العربية وأبعاد التنافس
بينهما في تلك المنطقة الحيوية من العالم وموقع النظام السياسي العربي من تلك
الاستراتيجيات.
يسلّط المبحث
الأول الضوء على واقع النظام السياسي العربي وما يمرّ به من تدهور في مختلف أوضاعه،
بينما يعالج المبحث الثاني كلًّا من الاستراتيجية الإيرانية والتركية في المنطقة
العربية. أمّا المبحث الرابع فتناول أبعاد التنافس الإيراني التركي على المنطقة
العربية، ويسعى المبحث الخامس والأخير إلى طرح بعض الأفكار والرؤى التي من شأنها
تفعيل النظام السياسي العربي باتجاه الإصلاح بهدف تقويته وجعله فاعلًا في محيطه
الإقليمي والدولي.
وقد خلُصت الدراسة إلى أنه ليس هناك من خيار لدى
النظام السياسي العربي سوى الإصلاح، بمعنى إصلاح النظم السياسية العربية بعد إصلاح
أوضاعه الداخلية إصلاحًا جديًا وليس ترقيعيًا، وأهم الملفات التي يعاني منها
النظام السياسي العربي والتي أسهمت في ضعفه وهي الملفات الاقتصادية وما تتفرع منها
من الفساد والبطالة والديون الخارجية، والملفات السياسية المتمثلة بالخلافات
السياسية العربية- العربية وحدوث انقسامات على مستوى النظام السياسي العربي وعدم
وجود رؤية مشتركة لحلّ الأزمات العربية وارتباط النظم السياسية العربية بالأجندات الخارجية،
إضافة إلى الملفات الأمنية المتمثلة بعدم وجود استراتيجية أمنية موحدة للنظام
السياسي العربي، وانفراد كل دولة عربية باستراتيجية خاصة بها دون العمل على وضع استراتيجية
جماعية.
كما قدمت الدراسة إلى صناع القرار
العربي بعض التوصيات:
-
تشكيل المجلس الأعلى
للسياسات العربية تكون لكل دولة عربية ممثلًا فيها من خلال وزراء الخارجية، يكون
غايته العمل على تقوية العلاقات العربية- العربية والاتفاق على سياسات خارجية
موحدة تجاه الأزمات والقضايا العربية والإقليمية.
-
تفعيل معاهدة
الدفاع العربي المشترك، والاتفاق على تشكيل جيش عربي موحد ومنظمة ناتو عربية تهدف إلى
تنسيق وتوحيد السياسات العسكرية العربية تجاه الأزمات الأمنية وضد المنظمات
الإرهابية التي باتت اليوم عابرة للحدود ومنها الحدود العربية.
-
انفتاح الحكومات
العربية على الأحزاب السياسية العربية والاتفاق على بناء الدول العربية بناءًا
قائمًا على احترام الرأي والرأي الآخر والابتعاد عن محاولات التقسيط والتصفية
السياسية.