تهدف
هذه الدراسة لتقديم قراءة تحليلية لخطة السلام الأمريكية المعروفة بصفقة القرن، مركزة
الضوء على خلفياتها ومضمونها وتداعياتها المحتملة. يدعي القائمون على الصفقة أنها تهدف
للوصول إلى حل نهائي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، من جانب آخر فإن أدوار الطرف
الفلسطيني وموقفه من الصفقة ليس مهمًا من منظور واضعي الخطة، الساعين لتنفيذها.
وهنا تحديدًا، تظهر الإشكالية التي استدعت إنجاز هذه الدراسة. فهل يمكن حقًا تجاهل
الفلسطينيين في أي حل حقيقي للصراع؟ أم أن المطلوب هو فرض الحل المتصور حتى لو رفض
الفلسطينيون التعاطي معه؟ ووفقًا لهذه الاحتمالات فهل تمثل صفقة القرن وصفة جديرة لحلّ
الصراع؟ أم أنها تفتح الباب واسعًا لمرحلة جديدة فيه؟ وإذا كان الحضور الفلسطيني
ليس مهمًا، فهل المطلوب إنجازه يتمثل بحل عربي إسرائيلي عوضًا عن الحل الفلسطيني
الإسرائيلي. وهل يؤدي ذلك- مرة أخرى- إلى حل حقيقي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟ تعتمد
الدراسة المنهج الوصفي التحليلي لتفكيك التشابك الكثيف الذي يفرض نفسه حول خلفيات
وأبعاد ومضمون ودلالات وتداعيات الصفقة، ومواقف الأطراف المعنية منها، وتستلهم مما
صدر عنها من مواقف وتصريحات، وما نشرته مراكز الأبحاث ووسائل الإعلام من معلومات
حولها. كل ذلك، من أجل الوصول إلى تشخيص صحيح يجيب عن الأسئلة المطروحة آنفا. وباستقراء
نتائج التحليل، توصلت الدراسة إلى أن الصفقة لا تهدف لإيجاد حل للصراع، بقدر
استخدام الحل الملفق كأداة لإعادة تشكيل وجه المنطقة، الأمر الذي يؤهل الصراع
الفلسطيني الإسرائيلي للدخول في مرحلة جديدة.