The image shows our cooperation with the online plagiarism detection service PlagScan

ملخص المقال



البحوث والدراسات

صراع التيارات السياسية وإشكالية بناء الدولة في العالم العربي

فواز ذنون


شهدت المنطقة العربية موجة من التغيرات والتحولات السياسية التي استهدفت إسقاط الأنظمة الشمولية وإقامة أنظمة سياسية جديدة، غير أن المنطقة دخلت في أعتاب مرحلة جديدة من الصراع المتمثل بصراع الأيدولوجيات بين مختلف التيارات السياسية التي تحاول إثبات وجودها وأحقيتها في تصدر المشهد السياسي العربي مما أدخل المنطقة في فوضى سياسية وأمنية اختلطت فيها أهداف ومبادئ تلك التيارات بالتحديات والمعوقات التي واجهتها وهي تحاول تغيير الخارطة السياسية الجديدة لدولها بشكل كامل.

تحاول الدراسة تسليط الأضواء على صراع الأيدولوجيات السياسية في العالم العربي التي برزت بعيد انتهاء مرحلة الربيع العربي، ودور ذلك الصراع في تقويض الدولة الوطنية وتحويلها الى ساحة لتنافس تلك الأيدولوجيات مع بعضها البعض وفقدان البوصلة الحقيقية في رسم ملامح الدولة المنقذة، وجاءت الدراسة من خلال أربع محاور أساسية، بدءاً من المحور الأول الذي تناول الحدث الأبرز وهو الربيع العربي محاولين معرفة مسبباته وأهدافه في إطاره العام، في حين جاء المحور الثاني ليعالج التجاذبات السياسية بين مختلف التيارات السياسية وصراع الايدلوجية السياسية تحت عنوان صراع التيارات السياسية ما بعد الربيع العربي، أما بروز التنظيمات المسلحة وتراجع نفوذ الدولة فقد كان عنوان المحور الثالث والذي عالج فشل عملية التحول الديمقراطي نتيجة للصراعات السياسية التي أفضت إلى حالة من التفكك لدى الدولة أدى إلى تراجعها وبروز التنظيمات المسلحة، أما المحور الرابع فقد أشار إلى حالة الانقسام في كيفية بناء الدولة ووضع في النهاية خارطة طريق تمكن صناع القرار من بناء الدولة المؤسساتية المنشودة.

وقد خلص البحث إلى خلاصة مفادها بأن موجة الربيع العربي شكلت مرحلةً جديدة في تاريخ المنطقة العربية من خلال نجاحها في إسقاط أنظمة تسلطية كانت جاثمةً على صدور شعوبها لعقود طويلة؛ غير أن النجاح الذي حققته الشعوب في ثوراتها واجه تحديات جمة ولم يكتب له الاستمرارية واستكمال متطلبات النجاح بعد انشغلت التيارات والكتل السياسية في صراعاتها السياسية تاركين الشعوب في متاهة البحث من جديد عمن يحقق لهم الأهداف التي خرجوا من أجلها، وبدلاً من قيام تلك الكتل بالعمل على تأسيس مرحلة جديدة في بناء الدولة انشغلت فيما بينها بالصراع السياسي والتجاذبات والعمل على التقسيط السياسي والانشغال في دوامة البحث على شكل النظام السياسي الجديد بعد انهيار الدولة، وهذا أمر طبيعي بسبب ارتباط مؤسسات الدولة بأكملها بالحاكم السياسي السابق الذي ما أن يتم إسقاطه حتى تنهار الدولة معه. وهذا يدعونا إلى تأسيس نمطٍ جديد من العقد الاجتماعي بين أفراد المجتمع يؤسس لتبني ثقافة الديمقراطية المنفتحة التي لا تلغي الآخر من أجل صون المجتمع وهذا يؤدي بالتالي إلى قيام نظام سياسي متكامل قائم على تماسك المجتمع بمعنى أن يتم تعلم ثقافة الديمقراطية داخل المجتمع الواحد قبل إنشاء النظام السياسي المبنى على أسس ديمقراطية صحيحة تنطلق من تكامل الدولة بمؤسساتها ونظمها وأجهزتها المختلفة التي لا يخشى عليها من أي ظروف سياسية التي قد تعمل على تغيير الحكام والمرؤوسين مع بقاء الدولة وهي تقوم بمهامها الوطنية تجاه أفرادها وشعبها.  

عودة