تعددت الطروحات والنظريات حول فعالية جدوى "الترانسفير" كآلية تستخدم لنقل وترحيل شعوب بأكملها أو جماعات بشرية على مختلف قطاعاتهم من أوطانهم أو أماكن سكناهم قسراً إلى مواقع تختارها جيوش غريبة غازية، بهدف إحلال جماعات بشرية لا تمت بصلة من قريب أو بعيد لهذه البقعة الجغرافية، وأن هذه العملية تتم وفق طرق وأساليب تصفوية خارجة عن كل منطق أو خلق بحيث لا تراعي من خلاله المشاعر الإنسانية والقيم والمعتقدات والتقاليد السامية لهذه الشعوب أو الفئات البشرية التي تبتلى بهذه الكارثة.
و"الترانسفير" فكرة تخالف مبادئ وأسس التكوين الاجتماعي، وسيبقى نهجاً مغرقاً في العنصرية والعرقية البشعة، موجهاً ضد الشعوب المقهورة، لسلب حقوقها بقوة السلاح والإرهاب ومقومات الوجود الوطني والقومي والثقافي للشعوب والجماعات البشرية التي يفرض عليها الرضوخ والقبول بهذا الحكم الجائر الذي يجسد بكل أشكال الانتهاكات والممارسات المخالفة للأعراف والقوانين والقيم. "والترانسفير" كآلية ومظهر من مظاهر العمل الصهيوني – الإسرائيلي سابقاً ولاحقاً، وكدعوة إلى إنجاز أخطر مهامه التي يتقدمها "الاحتلال والإحلال"، فإن الصهيونية ومنذ اليوم الأول لظهورها وقفت بشكل فاضح ضد مبادئ الشعوب العربية ومعتقداتها وتراثها الاجتماعي – الثقافي وأمانيها السياسية في التحرر من التبعية والقهر الاستعماري وتقرير مصائرها (وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني فوق أرضه المقدسة) فحينما شعرت هذه المنظومة الاستعمارية بانهيار نظام الحكم العثماني، وتسيب الأمن الداخلي في سائر ولايات الدولة العثمانية جاءت لتنفيذ مخططاتها الاستعمارية وخاصة في فلسطين المستهدفة أصلاً استعمارياً- وصهيونياً. وتواصلت الدعوات والتوجهات الصهيونية في اختلاق المبررات والمسببات لتكوين حالة من الهلع والخوف والتهديد لدى الفلسطينيين تمهيداً لتنفيذ عملية طرد واسع لأصحاب البلاد الشرعيين وإحلال "اليشوف" (الاستيطان اليهودي) محلهم حيث كانت الدعوة إلى استعمار فلسطين أقوى هذه الدعوات وأهم شروطها لتحقيق هذا الهدف.